أعراف
- التفاصيل
- الزيارات: 4110
الشَّجَرُ.. الشَّجَر..!
تتفنن الأشجار في اختيار سوقها وأغصانها وألوانها لتتماشى مع الفصول والأمكنة، ومع التضاريس والجغرافيا بشكل يفوق الخيال.
وهي حكيمة تنحني مع الريح فلا تكسر أو تجتث، وكريمة تهب جمالها وظلالها وثمارها وأغصانها بسخاء دون تمييز بين البشر، فهي نبيلة تؤمن بالعدالة والمساواة فلا تفرق بين أحد من المخلوقات، فتهب الجميع من خيراتها: البشر والحيوانات والطيور والحشرات، وهي رغم رقتها الغالبة قد تخشوشن حتى تُدمِي من يريدها بسوء.
وقد سمَتِ الشجرة عبر التاريخ فأقسِم بها تيناً وزيتونا (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) 1. التين، وتميزت فكانت مباركة لا شرقية ولا غربية: (يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) النور 35، وتسيدت باختيار إلهي، فكانت سدرة المنتهى: (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)(النجم، وعلت فكانت طيبة ثابتة باسقة كالنخلة لتكون مثالاً للمؤمن في توحيده ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ(24) ( إبراهيم ، ووعداً إلهياً وجزاء للمؤمنين: فاكهة مما يشتهون كالعنب والرمان ضمن جنات النعيم.. كما كانت وعيداً ومثالاً منفراً كشجرة الزقوم: (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) (26)إبراهيم ، وهي في الآخرة خبيثة مخيفة تبعث على الفزع: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ) (65)الصافات.
- التفاصيل
- الزيارات: 1566
أشعر كالأرض بالخريف والجفاف، وأنتظر الماء والمطر، أنتظر غيث السحابة والكتابة، فالماء الحياة، أصل الحياة. والكتابة ماءٌ وحياة، والقصيدة الحيّة ماء.
ولئن كان هنالك شعرٌ من تراب، وشعرٌ ينثر الموت والخراب..
فهنالك شعرٌ يهطل من غيم الروح، وسحاب الذاكرة، شعرٌ هو الماء المعين والسلسبيل على هذه الأرض، و (على هذه الأرض ما يستحق الحياة.).
وهذا الشعر هو فيض مزنك وغيمك وسحابك.. بعيدة كنت كسماء، أم قريبة كنبضٍ وأنفاسٍ ودعاء.
فبعد أن كنت طفلة المطر، ها أنت المطر بإيقاعاته وتجلياته، حكمته وعقله وجنونه، وها هو ذا مطرك يروى الأرض اليباب، ويزرعها حقولَ بهجةٍ وغناء، ولأنت الماء كل عطشٍ، وكل ارتواء:
لا شيءَ في الدنيــا مثيــــــلُكْ/
غير الميــــــاهِ وذا دليــــــلُكْ.
لما شربـــــــتُكِ فارتويــــــتُ/
وقضّني عطشــــــاً بديـــــلُكْ.
أوْ أمطرتْ ســحراً يـــــــداك/
وجادَ قبلَك.. سلسبيــــــلُك.
أوْ أســـكرتْ منـك الشــفاهُ/
فخـــــــامرَ الإصباحَ ليــــــلُك.
لا لســـت خلّــــي يا أنـــــا/
الماءُ يــــا منْ لي.. خليــلُكوجادَ قبلَكِ ســلســبـيـــــــلُك.
وجادَ قبلَك.. سلسبيــــــلُك.
أوْ أســـكرتْ منـك الشــفاهُ/
فخـــــــامرَ الإصباحَ ليــــــلُك.
لا لســـت خلّــــي يا أنـــــا/
الماءُ يــــا منْ لي.. خليــلُكأو أشرقت منــكِ الحيـــــــاة/
فباركَ الإصـــبــــاحَ ليــــلُك.
ما كنـتُ بـِــــدْعاً في هـواك/
المـاءُ يـــا منْ لي خلُيــــلُك.
وها أنا اطرق أبواب الشتاء في الخريف المخيف، وأنقر نوافذ القرى العالية بحثاً عن غيمك، يمنّيني النسيم، وتغالبني الريح..اه
ها أنا أعود منك إليك كما الليل والنهار، والعتمة والضوء، والفيء والهجير.
أنتِ يا نهل، يا علل، يا نهراً ينبع من أعالي الذاكرة المؤثثة بالجمال والدهشة، وكنوز الطفولة، ومغانم الشباب، ويصبّ في فورة الشعر، وفتنة اللغة، وجنة الإبداع..
حتى حشود الجراح، وجموع الوجع، وآثار الخيبات والانكسارات والهزائم، آثار الفوضى، ومعاول الهدم.
يقولون: الربيع، أقول الخريف والأفول.
ويقولون: الفوضى الخلاقة، أقول هي الفوضى التامة: فوضى الخراب والاحتراب والفتنة والدمار.
أي ربيع، وأية ثورة بناءة تلك التي تحرق الأخضر واليابس، وتحرق القلوب، وتدمر الحياة والناس، وما بنته الأيدي الماهرة، والعقول المحبةُ الجميلة، وتمنع الماء، وتزور الواقع والوقائع، وتشوش المستقبل، وتلوث كل شيء.. الفطرة والطبيعة والأفكار والتاريخ والهواء!!
سينجلي الغبار، والدخان، ولو بعد حين، وستظهر الحقيقة المجردة للعيان..
وسيعود الماء للجريان.
أما أنا الآن.. فسأبحر بقاربي الخشبي، الذي صنعته من شجر الحزن النبيل، عبر جداولك إلى نهر الحياة، نهرك العظيم.
لعلني أستعيد عافية الحياة إمّا ترقرق ماؤك، أو انهمر شلالك.
فلا تغيبي في الحقيقة، ولا تغيبي كحلم وخيال، ولا تغيبي كحبيبة، بل احضري كصاحبة رحلة، ورفيقة درب، ومحرضة على الجمال:
فخامرَ الإصباحَ ليلُك
هاتي يديكِ
إذا أتيتكِ صاحباً/
ضاقَ اتساعُ الأرضِ
أبغي راحتيكْ.
كم أحرقتني البيدُ
جمراً غاضباً/
هلّا خزنتِ العمرَ
في نهرٍ لديكْ؟!
بالله كيف تكونين الغياب والحضور معاً، وتكونين الحضور والغياب؟!
وكيف تكونين الوطن/ الحلم؟!
قالت: ألم تقل بأنني الغيم والقصيدة؟!
قلت: بلى، وسنعود معاً لنبنيَ ما تهدّم من جديد، ونرفعَ النشيدَ عالياً، سنرفعُ النشيدْ.
لا لست خلي يا أناالماء يا منْ لي خليلُكوجادَ قبلَك.. سلسبيــــــلُك.
أوْ أســـكرتْ منـك الشــفاهُ/
فخـــــــامرَ الإصباحَ ليــــــلُك.
لا لســـت خلّــــي يا أنـــــا/
الماءُ يــــا منْ لي.. خليــلافخامرَ الإصباحَ ليلُلا لست خلي يا الماء يا منْ لي خليلُكاو اسكرت منك الشفاه
- التفاصيل
- الزيارات: 1503
تأتيني..
تجلسُ كالطفل بعيني
تنقش حرفين على باب القلبِ
وتطرقُ
يفتحُ
ترقص في الردهاتِ
وتشرقُ
تشرقُ
تشرقُ
أنثى كاملة التكوينِ:
العودُ حنينُ كمانْ
والوجهُ الريّان حنانْ..
والشفتان من الرمانِ
على خدينِ من التينِ.
قمرٌ
ما القمرُ؟!
إذا ما جاءت تنسيني
أنّ القمرَ جمادٌ
أنّ البيت مقامٌ من حجرٍ
لا قمرَ أردتُ
ولا حجرَ رميتُ
مقامي في البيتِ
ستأتي..
سيدةٌ من نعناعٍ
وكروم
ويدان من الأبيضِ
وغيوم
والشفقُ الأحمر يغويني.
أصواتٌ
وجسور غناءٍ
تعلو في روحي
تهبطُ
من عمّان
إلى آخر مدنِ التيهِ الأوسطِ
ها حضرت كتتابع موجة موسيقى
ها غابت كالنجمةِ
مثل رذاذ العمر الأعشى
مثل فراشِ الضوءِ
ومثل العطرِ ستمضي
لكن في الآخرِ
آخرِ ما في الحرفِ
وآخر ما في البيتِ
الوردة تأتي
مهما طال غيابُ الوردِ
ستأتيني!!
- التفاصيل
- الزيارات: 1511
تسـائلني والهوى مســــألةْ
وتسـترُ أســــرارَهُ المـذهلَةْ
شِــماليةٌ وجهها مثل شـــام
ســماويـةُ الروحِ والمنــزلَةْ
وإمّا شـدتْ والغناء الجنوب
تنــــوحُ البـــلابلُ بالبـلبــلَةْ
ذكاء العيــون يــقـولُ كـذا..
كذا ســــرّهنّ وما أجـــــملَهْ
تــــلاعبُ قلبــي على كفّـها
وتسـكره قبـل أن تشــــمـلَهْ
فلا ليــلَ إنْ لمْ يكنْ شَعرَهـا
ولا فجــرَ إنْ لمْ تــكنْ أولـَهْ
ولا نـبـتَ إلا بـهتّــانـــــــها
فسـبحان سبحان من أنزلَهْ
كعذْبِ النســيــم أحــاديـثُـها
هي الشــــعرُ قافية مُرسَــلَةْ
فتــاة ٌمن الورد إصـــبـاحها
وأولُ آيـــاتــها البســــــملةْ
فلا عمرَ لي قبــل إهـمـالـها
وكلّ الثـــــوانــي لها مهملَةْ
إذا حضرت يستفيق المغيب
وتلتفت الشـمس كالســـنبلَةْ
أطفلة عمري متى تــعلمـين
بأنّ ريـــــاح الهــوى زلزلةْ
متى تـكبـريـن لكــي تــعقلي
قتلتِ الفـؤاد وقلتِ: الولَهْ!!
شــهيــدُ النـدى روحُهُ حيّةٌ
يـــخبـــئُ في عـزةٍ مقتــلَـهْ
ويـــــعجبه العيـش في جنةٍ
وأنّ لهــا مــقلــةً قاتــــلـَةْ.