ألا باركَ الله العراقَ حضارةً
وباركَ من أرض الفتوحِ عمومَـها
وباركَ من بين المياه فراتها
فدجلة ما خطّــتْ يــداهُ رسومَـــها
فبصرةَ أمّ الخير مانحة الندى
فبغدادَ أمّ النـــورِ عمّ علومَــــــها
فبابلَ، فالحدباءَ معترك الذرى
فواسطَ، فالنخل استوى، فكرومَها
وباركَ فاءَ الأرضِ، باركَ كافَها
وباركَ نون الناجلات(1)وجيمَــها
وباركَ بالخير المقيم مقيمَها
وباركَ بالدفءِ الحميمِ حميمَــــها
وأرهج غارات الفتوح غوانماً
وآذانَ من سعـــــد النديِّ غيومَـــها
وأسرَجَ من جيش المثنّى عوادياً
حواسمَ قبل الوقع ألقتْ حُسومَـــــها
فكان صيامُ الأرض عزَّ مجاهدٍ
وكان سقــــوطُ الجائرين حتومَـــــها
لتفطر من غيظ العراقِ بواسقٌ
عظامٌ تلاقي بالدّعــــــــاءِ عظيمَــــــها
ومن عُجبها حتى الكواسِرُ عندها
تعافُ خنــــازيرَ العــــدا ولحومَـــــــها
مكدّسةً فوقَ الخصيب يمجُّها
ويلعنُ مثـــــــواها، ويلعنُ (يومَـــــها)
أيا موقِظ َ السيّابِ تُقْتُ لحاجةٍ
نــــذرتُ سأقضـــيها فقرِّب تخومَهـــــا
بنفسِيَ تلك الأرضُ يسِّرْ مزارها
وروِّ بـــــها قـــلبي، وروِّ أديمَــــــــها
وباركْ مداراتِ العراقِ ودورَهُ
وبارك نهــــــاراتِ القرى وهزيمَــــها
وباركْ مآقِيها، وباركْ أنوفَها
ومن فائضٍ بالــــــعزِّ فضَّ خصومَـــها
وكحِّل بماءِ القلبِ أرضَ سوادِها
وباركْ بتــــطواف الدعــاءِ مقيمَـــــــها
ودعني على الميْلين أرسمُ ظلَّها
وأبكي- بـــــكاء الفاقــــدين- نعيمَـــــها
وأمدحُ خلاّن البهاءِ بنبْلِها
وأطفيئُ بالطّوْرِ (2) العظيمِ ضريمَــــها
بنهرين من حزنٍ ومن نخلِ عاشقٍ
وكرمْين من وَجْـــــدٍ أبثُّ كريمــَــــــها
ومن عذب فوّاح ِ الحديث مَزاجُها
عراقيّـــــــــةٌ حرّى تذيبُ كليمــــــــَها
ومن وِقفةٍ بالبابِ باب معظمٍ
ومن عازفٍ بالــخانِ زفَّ كتومَهـــــا
ومن بارقٍ بالشّاي أطبق جفنُها
فأطلق مكنونُ الجمالِ رخيمَـــــــــها
ومن سحرِ عينيْها، وسحرِ بيانها
أبوالطيّب الكنـــــديّ أرسلَ ميمــَـــها
وقد شابَها بعض الوجومِ لساعةٍ
أيا سعدُ من أجْــــرَتْ عليه وجومَـــها
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
(2) الطور: نسبة إلى أطوار الغناء العراقي.