ولمحدثكم، فالكتابةُ حديث أرواح، قصيدة السفح والوشاح، ومنها:
مليحةٌ تضَاءَلُ الجراحُ إنْ تعالى جرحُها. ويمّحي النواحُ، ما لطفلةِ النعيم والنواحِ، إنْ تهادى بوحُها؟ لها البرَاحُ، كلّ فسحةٍ وكرمةٍ وراحْ. أمّا السوادُ يا لهيبةِ السوادِ، والمرادُ أنّ هذا الليل لي..
ببهجة البنفسجِ الحزينِ كيفما اكْتسَى، بالفلّ حينما احتسى من الأسى، حتى انبلاج زهرة الصباحِ فالصباحُ صبحُها. أنيسةٌ
هي الملاكُ كيف يُذبحُ الملاكُ عندكم، يا ويلكم وكيف تمّ ذبحُها؟
خذوا دمي، وناعمَ القصيدِ من فمي، آليت أنْ أحبَّها وأنْ يُعادَ للعيونِ قدْحُها.
وقد كرم الله النساء فأحل النكاح ولذلك شروطٌ وضوابط، وحرم السفاح، وحرم الاتجار بهنّ، وإجبارهنّ على الزنا وفعل الفاحشة، وسمى الزوجة صاحبة:( بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم) الأنعام 101، ( وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ( عبس 36، (وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) المعارج 12، وكذلك في وعظ لقمان لابنه، والحث على بر الوالدين: ( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) لقمان 15، أي الأب والأم، والجنة تحت أقدام الأمهات، ولم يرتق إنسان اليوم في العالم الحديث بشتى تياراته إلى ما يقترب من ذلك، وزينةُ النساءِ الحياءُ قبلَ الحليةِ، وحمايتهنّ في العقل والعلم لا في حجبهما.
والحاء في الروح، والروح من أمر الله، وفي الحسنى والجحيم، وفي الصيحة والحاصب، والحطب والحصب والحميم واليحموم، وفي الصحةِ والصحةُ تاجٌ على رؤوس الأصحاء لا يعرفهُ إلا المرضى، وفي الحياة بكل نعيمها وتقلباتها، مرّها وحلوها، وهي أيّاً كانت، ومهما طالت رحلةٌ مؤقتةٌ ومرحلةٌ زائلة، أما الدار الآخرة فهي الحيوان، وهو في الحرب التي تعرك عرك الرحى، والحروب والمحن والفتن جحيم الدنيا، وهو في الحب الذيْ يحضن القلوب وتحضنه فتنحاز إلى الحق والخير والجمال، وتزيح الباطل والكراهية والقبح، وهو يحيي قلوب العاشقين حيناً، ويحرقها أحياناً، ويجعلها أسيرة الحيرة، كما في رائعة الأخطل الصغير بشارة الخوري، والحاء هنا قمةٌ في الرقةِ والجمال:
يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحا/ كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا. من بسمة النجم همس في قصائدهِ/ ومن مخالسة الظّبـي الذي سـنحا. قلبٌ تمرّسَ باللذات وهو فتى/ كبرعم لـمـستْهُ الريحُ فانفـتَحا. ما للأقاحيةِ السمراءِ قد صرفـتْ/ عـنّا هواها؟ أرقّ الـحسن ما سمَحا. غداةَ لوَّحْتِ بالآمال باسمةً/ لانَ الذي ثارَ وانقاد الذي جمَحا. ما همّني ولسانُ الحبِّ يهتفُ بي/ إذا تبسّم وجهُ الدهرِ أو كلَحا. فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ إذا حرَمتْ/ من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدَحا.
وهو في الحُلم حتى نبحر في السماء كالسحاب، وفي الحِلم حتى نصبر ونصفح. وهو في الحكمةِ، وفي الحماقةِ التي أعْيت من يداويها، وفي الحيطة، والحذر الواجب، وهو في الفتح والحكم، والحكم لله، وهو في الحراك والحركة، والحركةُ بركة، ومع كثرة الحروب، وسيادة الاستعمار والاحتلال نشأت الأحلاف، والتحالفات، والحركات الثورية والتحررية، وكان الكفاح بالإِعلام والسلاح، ومن هذه الحركات حركة التحرير الفلسطينية فتح، أحسَنَ من سمّاها بقلبِ اختصارِها من حتف إلى فتح، اللهم افتح عليهم بنصر مبين، ومعها حركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة الجهاد وغيرها كثير، وهم للأسف كالإخوة الأعداء، أو الإخوة كرامازوف لدوستويفسكي، فاحتدمت خلافاتهم، وتعالت صيحات الاتهام والتحريض فيما بينهم، ووجه السلاح إلى صدورهم لا إلى صدور أعدائهم، مما زاد الشعب الفلسطيني المنكوب جراحاً على جراحهِ. ونحنُ إذا ذكرنا الحياد تذكرنا حركة عدم الانحياز التي لم يعد لها فعل حقيقي ظاهر، فما يحدث يوحي بأن العالم انحاز إلى الحروب، كالساعي حثيثا إلى حتفه. وهنالك في دول العالم، وخاصة تلك التي تدعي الديمقراطية، أحزاب ومنظمات وجماعات وتيارات لها توجهات سياسية واجتماعية مختلفة، لكنها في النهاية تسعى للسلطة والحكم بأيّ ثمن، وتخدم مصالحَ داعميها لا المصلحة العامة، وتذهب وعُود معظمِها أدراج الرياح حال حكمها، وفضائحُ ساستها زادٌ رئيسيٌّ للصحافة والإعلام.
ومن محاره ما يتجلى في سورة غافر، خاصة في بدايتها (حم) إلى الآية عشرين منها، ومن الجدير بالملاحظةِ أنه قبل ذلك حاضرٌ في خاتمة سورة الزمر التي تسبقها: (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الزمر 75.
وفي النهاية مع تحيةِ السلام، فإنّ ما مضى محاولة لتحريكِ ذهنِ وذاكرةِ وذائقةِ الشاعرِ والقارئ، وليس ببحثٍ محكمٍ حاكَهُ لغويٍّ محترفٌ محنّكٌ حافظٌ حاذق. فسبحان الله وبحمده، والحمد لله الحي القيوم الذي وسع كرسيّه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما.