يَا مُحَمَّد
لروح الشاعر العربي اليمني محمد الْعَصَّار*
يَا مُحَمَّدْ..
يَا صِدِيقَاً مَاتَ وَالدُّنْيَا مَمَرُّ.
وَالنَّدَى شِعْرٌ، وَهَذَا الشِّعْرُ دُرُّ.
أَيُّهَا الْعَصَّارُ:
هَلْ فِي الْحَقْلِ زَيْتُونٌ وَنَخْلٌ وَغُيُومْ..؟
هَلْ تَدَلَّتْ يَا صَدِيقِي فِي نَوَاحِيهِ الْكُرُومْ..؟
وَاصْطَفَتْهُ الطَّيْرُ سَجَّاداً وَأَلْوَانَ غِنَاءْ.
مِثْلَمَا كُنُّا نُغَنِّي لِلْقَضَايَا وَالدُّرُوبْ.
فَإِذَا حَلَّ الْمَسَاءْ..
أَنْبَتَ الشِّعْرُ سَمَاءً وَعُيُونَاً وَنُجُومْ.
أَمْ تُرَى النَّاسَ سُكَارَى الْوَهْمِ
وَالْعُمْرُ يَمُرُّ..؟!
كَمْ شِرِبْنَا مِنْ وُعُودٍ وَسَرَابْ.
وَتَجَرَّعْنَا الْحُرُوبْ.
رَيْثَمَا غَارَتْ ثُغُورٌ وَتُخُومْ.
ثُمَّ هَا طَارَتْ بِلَادٌ تِلْوَ أُخْرَى
وَاسْتَوَى فِينَا الْخَرَابْ.
فَالذّرَى الْقِيعَانُ وَالقَاعُ الذّرَى
أَمْ هِيَ الْأَبْصَارُ تَعْشَى وَالْقُلُوبْ..؟!
أَمْ هِيَ الْأَكْبَادُ أَشْلَاءٌ ومُرُّ..؟!
يَا مُحَمَّدْ:
نَحْنُ لَا نَحْزَنُ أَنَّ الْعُمْرَ طَيْرٌ لَا يَقِرُّ.
يُتْعِبُ الْأَشْجَارَ قَفْزَاً
حِينَمَا تُؤْويهِ طِفْلَاً وَيَفِرُّ.
نَحْنُ نَبْكِي نَكْبَةَ الْأَوْطَانِ
بَاعُوهَا تِبَاعَاً..
وَرَأَى الْعَارِفُ فِيهِمْ
أَنَّ ذَاكَ الْعَقْدَ سِرُّ..!
أَيُّ سِرٍّ يَا مُحَمَّدْ..؟!
نَحْنُ أَدْرَى..
نَحْنُ وَالْعُمْرُ وَهُمْ كَرٌّ وفَرُّ.
يَا مُحَمَّدْ..
كَيْفَ غَادَرْتَ بِلَا سِرْبِكَ
كَيْفْ..؟!
لَا الرَّبِيعُ الْحُرُّ أَعْطَاكَ الْمَدْى
لَا مَرَّ صَيْفْ.
إِنَّنِي قُرْبَ بُكَاءٍ وَحِنِينٍ وَأَمَانِي.
لَا الْمَعَانِي تَرْقُبُ الشكلَ
وَلَا الشَّكْلُ يُعَانِي.
مُرَّةٌ أَوْطَانُنَا بُركَانُهَا لَا يَسْتَقِرُّ.
أَطْلَقُوا الْآلَافَ لِلْقَتْلِ
وَكْمْ ذَا جَاهِلٌ فِيهِمْ وَغِرُّ.
عَلَّمُوا الْأَطْفَالَ قَتْلَ الْأُمَّهَاتْ
ثُمَّ قَالُوا: إِنّ هَذَا الْقَتْلَ بِرُّ..!
فَجَّرُوا الْأَوْطَانَ وَالْأَهْلَ
وَمَا رَفَّتْ عُيُونُ الْحِقْدِ فِيهِمْ
مَا اقْشَعرُّوا.
مُرَّةٌ يَا هَذِهِ الْحُلْوَةُ يَا أَوْطَانَنَا
لَمْ نَعُدْ نَعْرِفُ أَسْمَاءَ الْقُرَى
لَا بِلَادَ الْعُرْبِ
لَا أَعْلَامَهَا
واسْتَطَابَ الناسُ وَهْمَاً
- إِنَّ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا
وَيْكَأَنَّ الْخَيْرَ شَرُّ..!
آهِ مِنْهَا يَا مُحَمَّدْ
آهِ مِنْهَا يَا مُحُمَّدْ.
آهِ مِنْ هَذَا الْجَوَى
هَلْ تُرَاهُ الْقَاتِلَ الْأَرْدَاكَ فَجْرَاً
مَا لِهَذَا الْعِشْقِ إِنْ أَبْحَرْتَ بَرُّ.
مُتْ سِلِيمَاً يَا مُحَمَّدْ.
لَا الْخِيَانَاتُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى الْقَبْرِ
كَمَا التُّرْبةِ نَذْرُوهَا تُذَرُّ.
كُلُّ شَيْءٍ وَاضِحٌ:
لَا حِزْبَ
لَا نِيرَانَ غَدْرٍ
لَا سِياسَاتِ أَفَاعٍ فِي الليَالِي
أَيُّهَا الْغَالِي عَلَى الْقَلْبِ سَلَامَاً
يَا سَلِيمَاً يَا مُحَمَّدْ.
رُبَّمَا أَخْفَيْتَ بِالْفَأْلِ الْعَذَابَاتِ وَأَحْزَانَ الْفَتَى
صَابِرَاً تَسْتَمْطِرُ الْأَرْضَ فَجَادتْ مَنْزِلَاً
جَادَتْ مَقَامَاً فِي النِّهَايَاتِ
وَكَانَ الْحُلْمُ قَبْرَاً..
أَنْتَ، وَالْحُلْمُ، وَقَبْرٌ
إَنَّ تَحْتَ الْأَرْضِ قَبْرَاً
كَانَ مِنْ قبلُ مَقَرَّاً
فَاسْتَوَى حُلْمٌ وَقَبْرُ..!
يَا مَحَمَّدْ..
نَمْ سِعِيدَاً
نَمْ شَهِيدَاً
سَجَّلَ التَّارِيخُ سَطْرَاً وَمَضَى
مِثْلَمَا أَنْتَ مَضَيْتْ:
لَمْ يغِبْ عُمْرُكَ هَدْرَاً
يَصْعَدُ الشَّاعِرُ كَالثَّائِرِ حُرَّاً..
أَنْتَ يَا عَصَّارُ حُرُّ.
___________________________________________________
* شاعرٌ وصحفي يمني قضى شبابه بيننا هنا، صحفياً ثقافياً مميزاً في جريدة الرياض، أحبَّنا وأحببناه. وهو محاربٌ بقلمه، ناضل من أجل الوحدة، وأدمته الحروب والمؤامرات على أمته.