أُلْفَةٌ وَتَضَاد
لِضَوْئِها
سَأرْسُمُ لِي لوحةً مِنْ عُذُوقِ الكُرُومِ،
ودَاليةً مِنْ كُرُومِ النخيلْ.
سَأعْدِلُ بيْنَ الزُّجَاجِ
وبينَ المِزاجِ،
إذا فاحَ رُوحُ الصَّبَاحِ بِبُنٍّ
قليلٍ مِنَ الهَيْلِ
والنَّكهةُ العربيةُ تمشِي الهُوَيْنَى
ولِي فِي الوَجِيْ أمَلٌ،
لِيْ..
ولسْتُ بأعْشَى*
مِنَ الوحْلِ والطِّينِ صِلصالُها
أشَكّلُ في القلبِ تِمثالَها،
يكونُ كمَا نضَجتْ فكرَةٌ
مثلما تنضجينَ بروحِي،
كخَمْرِ السِّنينِ تعتَّقَ
واللونُ مِنْهُ ترقرقَ
واللهِ مَا تكبرينَ سِوى في المَقَامِ
تظلَّينَ أنتِ الصغيرَة والعطرَ في نشأةِ الوردِ،
تظلَّينَ يا شَهْدُ،
يا نَهْرُ،
يا سَلْسَبِيلْ.
أيا لوحةً مِلْءَ رَأسِي
تشُدُّ المدى بالنشيدِ، وتُطلِقُهُ بالصَّهِيلْ.
وترفعُ روحي بِرَجْعِ الهَدِيلْ.
ولا تعجَبِي
"فلدَالي" خَيَالٌ
أتاني معَ الحلم والذكرياتِ
هُوَ الآنَ منهمرٌ مثلُ حُلْمِ الصغيرَاتِ،
منطلقٌ كشبابِ القبيلةِ والكادِحِينْ..!
ألا تعلمينَ بأنَّ القبائلَ تُنشِئُ ألوانَها مِنْ سفوحٍ
وحتى أعالِي الجِبالِ،
انظري:
شرفتي ها هُنا،
والفؤادُ مَعَ الغيْمِ صَارَ هُنا،
ربَّما كانَ في خاطري الزَّنْجَبِيلْ.
سأتركُ للضَّوءِ أنهارَه والسَّمضاءْ.
سأترُكُ نافذةً
ربَّما زادَنِي الشَّوْقُ،
صِرْتُ سحاباً
فأغلقتُ باباً
وأرخيتُ باباً.
وقَدْ هزَّني القلبُ حتَّى أغنِّي
فأدعو ربَابَاً.
ليحضرَ في صفحةِ الشِّعرِ كُلُّ كَرِيمٍ،
وكلُّ بخيلْ.
لهَا ما لَها،
بُيوتٌ مِنَ الطِّينِ بُنِّيَّةٌ،
ولهَا..
مِنَ الخضْرةِ البكْرِ خضرتُها والجَلالْ.
وحينَ تقومُ لها مِنْ سُمُوِّ النَّخيلِ النَّخيلْ.
ولِيْ بينكمْ سنوَاتٌ لهَا زُرْقةٌ،
يشهدُ البَحْرُ أنّ بها زُرقةً ما
يلوِّنُها الصَّبْرُ
صَبْرُ الجَوَادِ الجَمِيلِ،
وعِطْرُ الفؤادِ العَلِيلْ.
*الأعشى:
غـَرَّاءُ فرْعَـاءُ مصْقولٌ عوَارِضُها تمشي الهوينى كمَا يمشِي الوَجِيْ الوحِلُ