أحمل وجهي وأمشي
إلى حيث يجتمع المدمنون على قتل أوقاتِهم
قلت أمشي إليهم، أشاركهم قتلَها
قلت أمشي مشيتُ
حذائي يطالعني في الزجاج النظيفِ
وهذي الوجوهُ تطالعني في الهواء المشوبِ
بين الهواء وبين الزجاجِ
تذكرتُ ناراً تباعد، عرضَ السواعدِ
والوهجَ المتصاعد من أعين البدوِ
أشعارَهم في النساءِ، المساءَ
السيوفَ التي كُسِرتْ في وجوهِ الرمالْ
النساءَ اللواتي احترفنَ انتظارَ الرجالْ
تذكرتُ.. أغفلتُ.. قلتُ
سيعرفني القادمون من الخِيَم المخمليّةِ
من حاضر الحيّ، لكنني
كنت أحبو على بعد قرنٍ
من الحيّ كنتُ
أنا الحوتُ ما ضمّني البحرُ
أرقص في الرملِ
والرقص موتْ.
أنا النورسُ
أنا الصوتُ في الفجرِ
أولُ صوتٍ
وآخرُ صوتْ:
(صباحٌ له لونُ خدّيكِ حاملةَ الشهدِ
أيَّ الشوارع أسلك حين يطاردني الخوفُ؟
لا. قلتُ لا حين سألني حاكمُ العشقِ
- حاملةَ السِرّ -
أيَّ الشوارع أرتاد حين أغادر رمسَ التوجّدِ؟
لا ضمّني البحرُ، لا ضمّني قاربٌ لابن ماجدَ
عاريةٌ أنتِ، خارجةٌ أنتِ
زاويتي أنتِ
أنّى وكيف أغادرُ؟
زاويتي أنتِ، أين ينام جوادي التَّعِبْ؟)
يا حبيبةَ هذا الشقيّ
حبيبةَ هذا التعبْ.
حين يتكىء المتعبون على صدرك الطهرِ
أيُّ المناديلِ يمسح دمعكِ؟
أيُّ القناديلِ يستلّ نوراً كوجهكِ؟
أيُّ الشفاه تكون السعيدةَ بالنطق: إني أحبّكِ؟
إني أُحبّكِ. لكنني ريشةٌ لا تريد الكتابةَ
إن الكآبةَ مرتصّةٌ مثلُ سورٍ
وبابٍ قديم على جبل في «المدائنِ»
يومَ استدار البشرْ.
أحبّكِ
يهتزّ سورُ المدينةِ
يهتزّ قلبي
ويهتزّ هذا الذي يحرس القبرَ
مرتدياً جبّةً من ذهبْ.
مغلّلةٌ بالقيودِ
معلّلة بالندى
مسافرة بالوعودِ
محلّلة للردى.
أيُّ النياقِ ستحمل وشمي؟
أيّ التوابيت يبتاعني في المساءِ
ويُسلمني في الصباح لغير احتضاركِ؟
أيّ اشتهاءٍ يظلّلني في ذراعيكِ حيناً
ويمنعني أن أكونَ الأخيرَ الرديءْ؟
ذا زمانٌ رديءْ
ذا زمان غدا فيه حبّكِ كفرا
وحفظُ التواريخ كفرا
وقولُ الحقيقة كفرا
وذا السندسيّ يموتُ
ولا يقبل العشق قسراً، فمَنْ؟
- تباركتِ - مَنْ؟
- يا حبيبةُ - منْ؟
للمدار، ومنْ؟
للثمار، ومنْ؟
يحتوي نهرَنا عندما يحتوينا الدوارْ؟
أَلَيْلٌ ومتّكأٌ للغناءْ؟
وصبحٌ كما الأمسِ نحبو إليهْ؟
تباركت كيف اتّكأنا عليهْ؟
وكيف بكينا على مقلتيهْ؟
وكيف أتانا
يلملم أكفانََه في يديهْ؟
صباحٌ له لونُ خديّكِ
متعبةٌ أنتِ
- بل متعبٌ.. كلانا
ولكنه صاحبي
كنتُ أُُخفيه دوماً لأبكي عليهِ
- سلامٌ عليهْ
- سلام عليهْ