زمَانُ العَرَب

تنويعٌ منفرِدٌ على بَحْرِ العَرَب





على الأرْضِ منِّي السَّلامْ.
وللعُرْبِ: طيِّبِهِمْ والتَّقيِّ،
وفيهِمْ رسالتُهُ والنبيُّ،
وأعلى صُرُوحِ البيانْ
.
فأمَّا الحروبُ

فمِنْ صُنْعِ فرعون هذا الزَّمانِ وهامانِهِ:
يرفعُ الصَّرْحَ مُلتبِسَاً بالخديعَةِ
مُستكبِراً بالحشودِ
ومُستنفِراً فتنةَ المَائِلِينَ لِهَدْمِ الجِنَانْ.


وأمَّا البَيَانُ فهذا بَيَاني لَكُمْ فاحفظوهُ
وكونوا بهِ الرُّمحَ والصَّولجَانْ.

وكونوا الخلائفَ في جنَّةِ اللهِ
أرضِ الرِّسالاتِ،

مَهْدِ الحضاراتِ،
مفروشةً بالغمامِ
ومعروشةً بالعِنَبْ
.

وكونوا الثَّوابتَ والعادياتِ
أعِدُّوا لهم ما استطعتمْ مِن الكبرياءِ
مسوَّمةً بالجَلالِ
وممهورةً بالغضَبْ
.

ولا تهلكوا
وتوخَّوْا بها ما أُمِرتُمْ بهِ مِنْ عتَادٍ

ومِنْ زادِ عِزَّتكمْ مِنْ أَيَادٍ
ومِنْ صَافِنَاتِ العِنَادْ
.

ولا تتركوا كائناً لا يُقاوِمُ فيكمْ
وإنْ حَجَرَاً ساكناً سيئنُّ

ليُبْلِغَهُ الطِّفلُ غايتَهُ في جبينِ الجَبَانْ.


فأشجارُكُمْ سَتُسَنُّ،
وأضلاعُكُمْ سَتُسَنُّ،
وأرواحُكُمْ سَتُسَنُّ،
فلا تستوي ذِلَّةٌ وجبينُ العَرَبْ.

وكيْمَا يَعُمُّ السَّلامُ،

ويُزْجَى الحَمَامُ،
ويُمْحَى الظَّلامُ ورِجْسُ الغُزَاةِ
فهذا البيانُ مِن الشِّعْرِ مَارِجُهُ للعدُوِّ
وخاِلصُهُ للعرَبْ
.



وهذي الشَّهادةُ بالحقِّ عالِيةٌ
كنخيلِ البلادِ التي أحرقوها
على غيرِ حقٍّ
وأدرَكها اللهُ بالنَّصر عمَّا قريبٍ.
فهاتوا مواثيقَكُمْ واكتبوا لغةَ الفخْرِ
في الصَّدْرِ،
في أوَّلِ السَّطرِ،

إنَّ الكتابَةَ فيمنْ غَلَبْ.

لَمْ أقِفْ صَامِتَاً،
حينَ دكَّتْ جيوشُ التتارِ الجِدَارَ
وحَلَّتْ بأهلي نوائبُهَا، والجَرَادْ.

لَمْ أقِفْ خائِبَاً،
حِينَ عادَ المَغُولُ إلى غرَّةِ الأرضِ
واستنجدَ الرُّومُ بالفرْسِ،
واللصُّ بالقسِّ،
جاءَ الأراذِلُ مِنْ كُلِّ فجٍّ بأرذَلِ ما في الفِجَاجْ.


قلتُ هذي هيَ العربيَّةُ تسعى إليَّ وتشكو،
فقبَّلْتُ مهجتَها
وأخذتُ برِفْقٍ يديْها،
وأجلستُها فوقَ روحيْ
فسالتْ جروحِيْ،

وفاضَ المدادُ بأنبلِ ما يصطفيهِ الفؤادْ.

لَمْ أقفْ هائماً كالبغالِ
أُفتِّش في لغتي عَنْ مَعَانٍ تُخَفِّفُ وَطْأتَها،
أوْ تُشيرُ إلى رحمةٍ داخلَ النَّارِ
أوْ تَتَبجَّحُ: ذي فرصَةٌ للنُّهوضْ..!

لَمْ أَقلْ إنَّها نجْدةٌ تُشبِهُ الحَرْبَ
أوْ قلتُ هذا خِصَامٌ فيُصْلَحُبينَ الخُصُومْ..!

لَمْ أقُلْ إنَّها حالةٌ سَتَمُرُّ،
سحابةُ صَيْفٍ تبَخَّرُ،

بَلْ قلتُ هذااحتلالٌ
يُبِيحُ دَمِي في العراقِ
ويَدفنُ أهليَ،
يَسْجُنُ أرواحَهُمْ
ويُدَمِّرُ دَارَالخِلافَةِ
يُحْرِقُ ما شَجّرَتْه العقولُ الجميلةُ في بيتِ حِكمتِها،
وَهْوَ يَسرِقُ أسرارَ فتنتِها
ومنازلَ أسيادِها، والسَّوادْ.



لَمْ أقِفْ خَائِباً كالإوَزِّ،
فسَجِّلْ هنا مرَّةً تِلْوَ أُخْرَى
بأنِّي أنا اليَعْرُبِيُّ الأبِيُّ على أُمَّةٍ
سوفَ أبقى أدافِعُ عَنْ مِلَّةِ العَدْلِ،
أُنشِدُ قافِيةَ الليلِ مُبْصِرَةً كالنَّهارِ
وحتَّى تذوقَ الجيوشُ وأذنابُها خَيْبَةَ الذُلِّ
حتَّى تُلاحِقَ أرواحَهُمْ لعنةُ اللهِ والعالَمِينْ.

سأضرِمُ ناراً ستعصى على بَرْدِهمْ والحديدْ.
وأُرجِعُ للنَّهرِ بهجتَهُ
ما امَّحَى مِنْ مصابيحَ رَجْرَاجَةٍ،
وأُعِدُّ الهواءَ لأغصانِ سِدْرتِنا
والمياهَ لوردِ الحديقةِ،
أصلِحُ كرسِيَّنا الخشبيَّ وأَجلِسُ
أُنْصِتُ،
ها إنَّني مُنْصِتٌ

كيفَ لوْ تُنصِتُونْ!:

يَقولُ ليَ الغصْنُ هذا كَيَانُ العرَبْ.
وإنْ جيَّشوا كلَّ ما حولَهُمْ:
أرضَهُمْ والسَّماءَ،

وجَاسَتْ فساداً بها خِسّةُ الغَرْبِ،
عَمَّ الخرابْ
وصاحَ الغرابْ،
وأضحى الأمينُ الشَّريفُ العفيفُ بمحرابِها مَنْ كَذَبْ.
وأضحى السَّفيهُ اللئيمُ حَكِيمَاً،
وأضحى البَهِيمُ بَيَانَاً،
وسادَ الخؤونُ على رأسِ بيتِ الخِلافةِ
صارَ لفارسَ في النَّسَبِ العَرَبيِّ أبو جهلِها واللهَبْ.

يَقولُ ليَ البرعُمُ الصّبْحَ

هذا الجمالُ جمالُ العرَبْ.
فما سَادَ قبحٌ على الأرضِ
إلَّا وأسقَطَهُ الحُسْنُ،
والحُسْنُ بابٌ لجنَّاتِ عَدْنْ.
وما سَادَ شَرٌ

وإنْ في الفضاءِ محَاوِرُهُ
مِنْ حُثَالةِ سَقْطِ الحضارةِ في الغَرْبِ
حتَّى الحُثَالة في شرقِها المتوسِّطِ أوْ مَا أرَادُواالكبيرْ.
مِنْ جرائرِ قارونَ،
حتَّى جرائمِ شارونَ،
حتَّى بِغَالِ العراقِ الأليفَةِ في سُدَّةِ الحُكْمِ،
في رحلةِ البحثِ عَنْ عَلَفٍ في بقايابريمَرْ،
أوْ في بقايامِسْتَرْ بْلَيْرْ.

تقولُ ليَ الوردَةُ الآنَ هذا زمانُ العرَبْ
وإنْ حَطَّ مَنْ حَطَّ،
أوْ طارَ مَنْ طارَ،
أوْ غَارَ مَنْ غَارَ،
فاكتُبْ هُنَا بالدَّمِ العَرَبِيِّ ومَاءِالذَّهَبْ.
وفي أوَّلِ السَّطْرِ،
في الصَّدْرِ
:
هذا
زَمَانُ
العرَبْ.

وواللهِ إنَّ الزَّمانَ
على رُغْمِ بوشٍ وتابعِهِ،

لَزَمَانُ العرَبْ.


يقولُ ليَ الرَّازقيُّ بأنَّ الكتابَ كِتَابُ العرَبْ.
وأنَّ الخطابَ خطابُ العرَبْ.
وأنَّ الكتابةَ بالدَّمِ لا بالسَّوادِ الذَّلِيلْ.

وأنْ لا ظهيرةَ،
لا عَصْرَ،
إلَّا بأفياءِ دِجْلَتِهم والنَّخِيلْ
.

ولا يطلُعُ الفَجْرُمُثَّاقِلاً بالنَّدى والبنفسَجِ،
إلَّا إذا غَنَّتِ الأرضُ أشعارَهُمْ
مِنْ عيونُ الرُّصَّافةِ والجِسْرِ حتَّى كُرُومِ الجَليلْ.

ولا تستعيدُ اللغاتُ مهابَتَها،
والكَوَاكِبُ دُرِّيَّها،
والجبالُ غَرَابِيبَهَا،
والجيادُ الصَّهيلَ لِتُبْهِجَ

إلَّا إذا اشتعلَ الليلُ في حَدَقَاتِ النَّواجِلِ،
أوْ لَمَعَتْ في الجِبَاهِ الشُّمُوسُ،
شُمُوسُ العَرَبْ
.


تقولُ ليَ الأرضُ إنَّ البلادَ بلادُ العَرَبْ.
وفيهِمْ بدايتُها بالخلافةِ حتَّى تعودَ كمَا شَاءَ
وَرَّثَها للعَرَبْ.
ألَا سُنَّةَ اللهِ قَدْ كُتِبَتْ،
شاءَ مَنْ شاءَ،
صَدَّقَها مَنْ تَسامَى
وكذَّبَها مَنْ كَذَبْ.

يُسرُّ ليَ الحَجَرُ الآنَ مُستبشِراً بالذي خلْفَهُ مِنْ يهودٍ
ومَنْ فوقَهُ مِنْ أسُودِ العَرَبْ.

فبُورِكْتَ يا حَجَراً لا ينامُ،
وبُورِكْتِ يا لغتيالعربيَّةَ،
هذا بَيَانِي،
وهذا كَيَانِي،
وهذازَمَاني

زَ
مَ
ا
نُ
ا
لْ
عَ
رَ
  بْ.

 



الرياض22 رمضان 1426