المَرْثِيَّةُ الرَّابِعَة (2)
خليليَّ ما كتْمِي هواها غَضَاضَةً
أتحبسني ذلاً لتُمْـــــطِرَنِي وَصْلا..؟!
وما كنتُ شتَّاماً ولا كنتُ فاضِحاً
وما كنتُ أجزيها على بُخلِها بُــــخْلا
ولا كنتُ مدَّاحَا ولا كنتُ حاوِياً
وإنْ أمْعَنَ الجُهَّالُ ما زِدْتُهُمْ جَــــهْلا
لأنِّي ورِثتُ الطِّيْبَ مِنْ نَبْعِ طَيْبَةٍ
وأنِّي ورِثْتُ الجُودَ مِنْ جَــدِّيَ الأعْلَى
فأسقــيْتُ مَنْ أبْدَى بطيبِ سَجِيَّتي
وأسقيتُ مَنْ أخفَى وأسقــيتُ مَنْ ضَلاّ
وما هـمَّـنِي أنِّي وحِيدٌ بعِزَّةٍ
وأنَّ رفاقَ الأمسِ قدْ لازَمُوا السَّــهْلا
خليليَّ هذا المــوتُ، فاقترِحوا دَمَاً
شفيعاً، وإِنْ أدمَى الوشاةُ، بــها أوْلَى
خليليَّ هذا الموتُ لمْ تُدمِنِي العِدَا
فهذي نِصَالُ الأهلِ، قدْ أدْمَنَتْ قتْـــــلا
خليليَّ هذا الموتُ قولوا لها رِضَىً
وقولِوا لها أرْضَى، ومــاتَ وقدْ صَلَّى
وما كانَ يَحنِيها رِئَاءَ خَلِيقَةٍ
لأنَّ الفتى باللهِ قدْ أوْثَقَ الحَـــــــــــبْلا
يرِيدونَهُ مَيْتَاً ويبغِي حياتَهُمْ
وفي عُنُقِ الجوْزاءِ يبغِي لهُمْ نُـــــزْلا
ويبغونَهُ صمْتَاً ويأبى جوادُهُ
وتأبَى الجِيادُ الصِّيدُ أنْ تَرِدَ الوَشْـــلا
رأيْتُ الأذى والــموتَ.. سِيَّانَ أَنَّنِي
رأيْتُ لحُودَ النَّاسِ في الأعينِ الكَسْلَى
وما أخفتِ الأفواهُ تُبْدِي عيونُهُمْ
عيونٌ على بُخْلٍ، وإنْ أظهَرَتْ بَــــذْلا
وإنْ أظهرتْ وِدَّاً، حذارِ وِدَادَها
ويَجتنبُ البطحاءَ مَنْ يَعْرِفُ السَّـــيْلا