المَرْثِيَّةُ الرَّابِعَة "1"
مَشَيْتُ فلا أهْلاً.. حلَلْتُ ولا سَهْلا
وعِشْتُ فلا عيشٌ وكنتُ بهِ أهْــــلا
وعِشتُ زَمَاَنَ القطْعِ، والوصْلُ ماثِلٌ
أصِيحُ بهِ هيَّا.. فيصرُخُ بي مَـــهْلا
شَدَدْتُ بهِ بعضِي ببعضِي لحَاجةٍ
ومِنْ غيرِ أجْرٍ قدْ شدَدْتُ بهِ الأهْـلا
كبيراً، وما كانتْ شؤوني كبيرةً
وخِلاً وما يلقَى، إذا ما اتَّقَى خِــــلاّ
عدوتُ به شمساً على كلِّ شامِتٍ
وعدتُ لهُ بدراً وعدتُ لهُ ظِـــــــــلاّ
ولكنَّما مَدٌّ، وجَزْرٌ عِنَـــادُهُ
يُوزِّعُ فيَّ الطفلَ إذْ يَجْمَعُ الكَـــــهْلا
أوقتٌ كما أبديتُ نًصْحاً لجاهِلٍ
كوقتٍ بما أبديتُ للنَّاصِحِ الجَهْلا..؟!
خليليَّ ما تلكَ النُّجُومُ بمطلبي
فكمْ نجمةٍ نجْلا.. وكمْ نجمةٍ خَــجْلَى
وكم نجمةٍ تختالُ أنِّي عشيقُها
وفي الشِّعْرِ كمْ يَختالُ وردٌ على دِفْلَى
وكمْ نجمةٍ في السِّرِّ تُفضِي بجمْرِها
أما يكتفي الظَّمآنُ مِنْ مائِـــــنا عَلاّ؟!
يُثَرْثِرْنَ مــا يدرِينَ أنِّي قتيلُها
وأنِّي نهلتُ الحُبَّ مِنْ كفِّهــــــــا نَهْلا
وأنِّي أنا المجنونُ ما جُنَّ شاعـرٌ
وأنِّي أنا المفتونُ إنْ أسْفَرَتْ ليْــــــلَى
وأنِّي نذرتُ الشِّعرَ حرفي بحرفِها
فما أنجبَ الحرفانِ إلاّ لها مِثْـــــــــلا
خليليَّ ما نامتْ عيوني على الطُّوَى
ولا هبَطتْ صعباً، ولا صَعَدَتْ ســـهْلا
ولكنَّها تبكي وما كلُّ مَنْ بَكَى
بباكٍ، وليستْ كلُّ نائحــــــةٍ ثكْلَــــــى
لِنَخْلٍ على العِلَّاتِ مُجْتَرِحٍ عُلا
وكَرْمٍ على الزَّلاّتِ مُعتَصَرٍ نُبْــــــــــلا
بأرضٍ ينامُ الناسُ فيها وساهِرٌ
على عُرْيِها خوفاً يُدَثِّرُ ما اعْتَــــــــلاّ
ويحلُمُ أنَّ الغيْمَ يهمِي لِهَمِّها
ويزْعُمُ أنَّ الغيثَ قدْ يُرْجِعُ الرَّحْـــــلا
وما جُنَّتِ الألوانُ بلْ جُنَّتْ الدُّنَى
إنِ استقبلتْ عينٌ سوى حزنِها كُحْــلا
*اللوحة للفنان الجميل ضياء عزاوي