الأبواب

 

هي الأبواب أبوابُ المعارف، وأبواب الدنيا والآخرة، وأبواب السعادة والشقاء، وأبواب الطمأنينة والخوف، وأبواب اللغة والشعر، وأبواب الوطن والمجد، وأبواب الحب التي تسبق كل باب.

 

ألم تطرقها جميعاً في قوتك وضعفك، أملك ويأسك، حيرتك ويقينك، واقعك وخيالك؟!

ألم تطرق أبواب الذاكرة مراراً وتكراراً، فكانت تفتح لك كنوزها وأسررها عن طيب خاطر، ثم غدت أكثرتعقيداً وحرصاً وتحفظاً، لا بسبب الكوارث الأمنية التي تكتنف العالم، بل بسبب ضياع مفاتيحك الخاصة.

ألم تسلم مفاتيح أبواب القلب لمن اصطفيت من الناس، إلا من يختلسها دون جريرة، فينسل عبرها انسلالاً، ولا يحاكمُ، بل يحكمُ عرش القلب.

ألم تقف أمام الباب وحيداً جريحاً نازفاً، تنهشك العزلة، ويدفنك الفراغ؟!:

 

وَحْدي.. وهذا البابْ

لم يَبْقَ إلا أنتِ

والوَجَعُ المُحارِبُ

والحِرابْ.

 

ألم تقف بباب اللغة/ الوطن طفلاً مشاكساً، محدقاً بعينين واسعتين، محمّلتين بالأسئلة الكاشفة؟!:

 

باب اللغة عظيمٌ ، والبواب عنيدٌ

أوقفني ومضى يتفرّس في توقي:

- إذهب.

يا هذا الطفل المتعلق بالبابِ اذهب

قدماي تعانده

- إذهب

وجهي ويداي اذهب

لكنك، والبواب عنيدٌ، تسمح لي!!

 

ألم تقف بأبواب العواصم التي تنقلت بينها مستعيداً تاريخ وجمال أمة عظيمة أحببتها مطراً وشعراً، فعطَّرتْك، فنثرتَ عطرك عليها بوحاً وقصيداً وأغنيات؟!:

 

ببابكِ أوقفت عينيَّ

ثم ارتحلتُ

فإمّا حللتُ

تبدَّى ليَ الحسنُ باباً

تبدَّتْ لي المدن الأخريات دخانْ.

 

ألم تختلف الحالات التي اعترتك طيلة ترددك على أبواب المدارس القديمة التي حملتك إلى العلم والعالم، من الخوف إلى الرهبة إلى الدهشة إلى التلهف؟!

ألم تقف بأبواب مدن الشعر العالية فتستعصي عليك، فتطير عبرها، أو تحلّق فوقها فارداً جناحيك، لا يشبهك إلا السحاب، لتمطرَ بعدها الحب والجمال والمفردات الساحرات؟!

إذاً لولا الأبواب، ما كان الخطاب ولا الجواب!!