دِيمْ*

القلبُ المسكونُ بحبّ الناسِ يتيمْ.

والحزنُ الغضّ على الماضين مقيمْ.

والعينُ يغالبُها الدمعُ ولا تبكي

تحكي:

ما عادَ لأشجارِ الأوطانِ شميمْ.

لكنّ النجمةَ لا ترضى

ترسلُ منديلاً من غيمةِ عرسِ سحابْ.

من عطرٍ من فرحٍ خلّابْ.

يحملهُ نحو زوايا العينين نسيمْ.

هذا وقتُ الأحرفِ ترسمُ لوحتَها في سقفِ المعنى.

سحرَ بياضٍ وفرَاشْ.

عزفَ عصافيرِ الدهشةِ من أغصان الشجرِ الواقفِ في صبرِ الواثقِ منذ قرونْ.

الميمُ تُدرّبُ أجنحةَ المعرفةِ على عجلٍ

تتبعها بتروّيها في خجلٍ جيمْ.

أمّا في القلبِ فترفعُ كفّيْها بدعاءٍ نونْ.

ماذا يتبقّى منّا

من حرقةِ حاضرِنا

من ماضينا

ممّا أوْ ممّنْ يسكنُ فينا

غيرُ العطرِ

وغيرُ التدوين على أبوابِ القلبِ

وأسوارِ الروحِ وما يتبقى من أشجارٍ واقفةٍ بعد حروبْ.

أما الأجسادُ وما تبنيهِ الأجسادُ رميمْ.

نسألُ في غربتنا:

ماذا نفعلُ من دون أحبّتِنا؟

نحن الغرباء كما جئنا

نبحثُ في الوحشةِ عن جنتِنا

أيتاماً في العتمةِ

شبهَ عراةٍ في البردِ وفي الجهْلْ.

نسألُ جيرانَ الرحلةِ في التيهِ ترى ما يُفرِحنا؟

نفرحُ بالأوطان ولو تُحزننا

بالأهلِ ولو يُبكونَ على قلقِ العينِ مسامعَنا.

نفرحُ بالطيرِ وبالأشجار العظمى واقفةً لا تمشي لكنْ تأتينا..

تمشي نحو موائدنا بالخيرِ، وخيرُ الناسِ يبابْ.

لا مَنّ هنا، لا جوْرَ، ولا في الغفلةِ نابْ.

نفرحُ بالنخلةِ - والصحراءُ جحيمْ-

صابرةً وكريمةُ أصْلْ

جادتْ كالنهرِ بكفّ كريمْ.

ما يُفرحُ يا فرحاً غابْ.

بيتُ الشعرِ العربيِّ يقاومُ قبحَ العالمِ والعالمُ غابْ.

قهوةُ أهلي المرةُ وقتَ الفجرِ تدقّ البابَ فيُفتَحُ بابْ.

من يُفرحني؟!

تُفرحني من بين بناتِ الأهلْ.

الطفلة إذْ تتشكّلُ من عقلينْ.

الطفلة يا لجمالِ الشكلِ ويا لجمالِ العقلْ.

هذا ما يعنيني

هذا ما يشعلُ شعري ويقيني

فالطفلةُ مهما تكبرُ كالرمانِ وكالتينِ

تبقى الطفلةَ في الرّاحةِ والعينْ.

الطفلةُ من وردٍ وخزامى.

الطفلةُ من فيضِ جنوبٍ يُشجيني

يُزهرُ أنغاماً حتى غنّى بالعودِ ومالْ.

الطفلةُ مِنْ فيضِ شِمالْ.

الطفلةُ مِنْ نعناعٍ يتنامى.

لا دِيَمَ هنا في القلبِ وقدْ أمطرَ شعراً ونعيمْ.

لا يُوجدُ في المهجةِ هذي اللحظةَ غيرُ الطفلةِ «دِيْمْ».

** ** **

* ابنةُ العقلين العربيين الجميلين يحي بن جنيد، ودلال الحربي