والعينُ تلمع، وتشع من عيون العربية والعرب، وقد كانت تعلو معهم، فترفرف أعلامها خفاقة عالية عبر شعرهم وبيانهم وعلومهم من عذوق نخيل المدينة إلى كوفة وبصرة العراق إلى آخر ما عبرته خيول عمرو بن العاص وعبد الرحمن الداخل غرباً، ومن أعالي جبال الشمال إلى جبال صنعاء وسواحل عدن، ولكنها اليوم تذرفُ الدمع عليهم، لأنهم يعرفون مصادر عللهم، لكنهم غير قادرين، أو غير راغبين في علاجها، حين تركوا العنان لغيرهم،
صدر للشاعر محمد جبر الحربي ديوان شعري بعنوان (جنان حنايا) في ثلاث عشرة ومئة صفحة من القطع المتوسط، عن دار أعراف، دار المفردات، في طبعته الأولى، متضمنا مجموعة من النصوص التي جاء منها: نساء، جنان حنايا، هنّ، ملاك، استعادات الطفولة، ساعتان فقط، كل حين وأنت بخير، على كل حال، خيال!!، اثنتان وحب، أن أحبك.. ، صباح الخير، المعنى، كرم السنين، نخلتان، سليمى، العظيمة.
أمّا النخلةُ الطيّبة، وأعرفُ ولعكِ بالنخيل، فربما كانت الوحيدة التي لم تتغير ملامحها، ولا اعتلّتْ صحتها، حتى وإن اختلّتْ علاقتنا بها، ونظرتنا إليها، فهي ما زالت تحافظ على قيمتها المادية والاعتبارية رغم شعورها بالغربة بيننا، ورغم الآلاف التي أحرقتها قنابل الغرب في دار الخلافة في الشرق، أو هُجّرَ أهلُها فماتت كمداً.